للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«كُفَّ عليك هذا».

تقوم صراعات، وتثور فتن، وتتفرق جماعات، وتضيع أوقات، وحين تُدقِّق في مبدأ الأمر ومصدره، تجد الشرارة الأولى، من كلمات طائشة، أو اتهامات غاضبة، أو نقل خاطئ، هذه بعض ثمار الاستعمال السيِّئ للسان، في الدنيا قبل الآخرة.

يفسر ابن حجر (حفظ اللسان) بالامتناع (عن النطق بما لا يسوغ شرعًا، مما لا حاجة للمتكلم به) (١)، ويُشِير النووي إلى ما يُعين المتكلِّم على حفظ لسانه، فيقول: (وينبغي لمن أراد النطق بكلمة أو كلام، أن يتدبَّره في نفسه قبل نطقه، فإن ظهرت مصلحته تكلَّم، وإلا أمسك) (٢)، فالضابط الأساسي لحفظ اللسان: الحذر من التسرع في الكلام، والتدبر والتفكر قبل إخراج الكلمة، ووزن الكلمة في ميزان الشرع، وابتغاء المصلحة الشرعية، وإلا فليملك المتكلم إرادته، وليلزم الصمت، فإنه نجاة، وهو خير له. ولذلك جاء في الحديث: «فكفَّ لسانك إلاّ من الخير» (٣)، مما يُفهِم أن الأصل الصمت والكفُّ.

ولما سأل عقبةُ بن عامر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: أمسِك عليك لسانك، وليسَعْك بيتك، وابكِ على


(١) فتح الباري ١١/ ٣٠٨.
(٢) شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ٣٢٨.
(٣) مسند أحمد ٤/ ٢٩٩. استشهد به ابن حجر ونقل عن ابن حبان تصحيحه (الفتح ١١/ ٣٠٩).

<<  <   >  >>