للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجر: (لا يُلقي لها بالًا؛ أي لا يتأملها بخاطره، ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئًا.) (١)، فقبل أن تخرج الكلمة من فيك، أعطِ نفسك فرصة للتفكير، هل ما ستقوله يرضي الله أم يغضبه؟ هل هو من طيِّب الكلام أم من بذيئه؟ هل تكون عاقبته خيرًا أم شرًّا؟ وطالما لم تخرج فأنت مالكُها، فإذا خرجت كنت أسيرَها.

وفي الحديث الصحيح من رواية مالك وأصحاب السنن عن بلال ابن الحارث: «وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عز وجل عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه»، قال علقمة - راوي الحديث - لرجل يحدِّثه: (فانظر - ويحك - ماذا تقول وماذا تكلم به، فرُبَّ كلام قد منعني أن أتكلم به ما سمعت من بلال بن الحارث) (٢)، والحديث صورة عملية في حسن التلقي، وفي حسن التوريث للمتلقي، لتبقى أمة الخير تحفظ ألسنتها.

وكما أن الكلمة الطيبة يدخل بها صاحبها في الإيمان، فرُبَّ كلمة تؤثر على إيمان صاحبها نفاقًا أو خروجًا من الملَّة، ففي حديث حذيفة: (إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيصير بها منافقًا، وإني لأسمعها من أحدكم اليوم في المجلس عشر مرات) (٣)، وفي الحديث الصحيح: (قيل لابن عمر: إنا ندخل على أمرائنا، فنقول القول، فإذا خرجنا قلنا غيره، قال: كنا نعدُّ ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النفاق) (٤)، وفي صحيح مسلم: «سباب


(١) فتح الباري ١١/ ٣١١.
(٢) صحيح سنن الترمذي ٢/ ٣٥٨ الحديث ٣٩٦٩ (صحيح).
(٣) مسند أحمد ٥/ ٣٨٦ من قول حذيفة.
(٤) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٣٥٩ الحديث ٣٢١٠/ ٣٩٧٥ (صحيح).

<<  <   >  >>