للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ليس منا من لم يُجلَّ كبيرنا ويرحم صغيرنا».

أولى الناس بالاحترام والتوقير مَن كان حظه من الشرع أوفر، ونصيبه من العمل الصالح أكبر، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين» (١)، وذلكم هو ميزان التقديم والتكريم.

وصاحب (خلق الاحترام) يُجِلُّ العلم وأهله، ومن احترامك للعالم أن تستشعر مهابته، روى البخاري أن حذيفة حدَّث حديثًا عن الفتن، فأراد التابعون أن يسألوه، قالوا: (فهبنا حذيفة أن نسأله) (٢).

وقد كان هذا شأن الصحابة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففي مرَّة أرادوا أن يسألوه عمَّن قضى نحبه، من المقصود به في قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: ٢٣]، (قالوا لأعرابي جاهل: سَلْه عمَّن قضى نحبه من هو؟ يقول الراوي: وكانوا لا يجترِئون على مسألته، يُوقِّرونه ويهابونه) (٣)، وفي حديث سجود السهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى ركعتين بدل أربع، فظن بعض الصحابة أن الصلاة قصرت، يقول


(١) صحيح مسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب ٤٧ - الحديث ٨١٧ (شرح النووي ٣/ ٣٤٦).
(٢) صحيح البخاري - الحديث ٥٢٥ - ورواه أحمد ٥/ ٤٠٢ واللفظ له.
(٣) صحيح سنن الترمذي ٣/ ٩١ - الحديث ٢٥٦٠/ ٣٤٣٣ (حسن صحيح).

<<  <   >  >>