للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جملة الأوصياء عليك، وإنّ ممّا قاله الشهيد، يعني الملك الناصر محمد لي وللأمراء في وصيّته إذا أقمتم أحدا من أولادي ولم ترضوا سيرته خذوا برجله وأخرجوه وأقيموا غيره. وأنت أفسدت المملكة، وأفقرت الناس من الأمراء والأجناد، وقتلت أخاك، وقبضت على أكابر أمراء السلطان الشهيد، واستقلت عن الملك بلهوك بالنساء وشرب الخمر، وصرت تبيع أخباز الأجناد إلى غير ذلك من أشياء عدّدها في مكاتبته. فلما وردت عليه وقرأها تغيّر مزاجه تغيّرا كبيرا، وأوقف عليها العلائيّ زوج أمّه فقط. فقال: «والله كنت أخشى هذا».

وكتب الجواب إلى نائب الشام يتلطّف له بالقول، وأخرج إليه منجك على البريد ليردّه عمّا عزم عليه من قصده، ويكشف له عن أحوال الأمراء.

ثم كتب إلى الأعمال بإبطال حركة الحجّ. وكثرت الإشاعات بالقاهرة بخروج نائب الشام، حتى بلغ الأمراء والمماليك، فأشار العلائي على السلطان بإعلام الأمراء بالحال، فطلبوا / ١٤ أ / إلى القلعة، وأخذ رأيهم. فوقع الاتفاق على خروج العسكر إلى الشام مع أرقطاي، فعيّن السلطان تجريدة فيها عدّة من الأمراء وهم ستة من المقدّمين ألوف، ومن الطبلخانات أربعين (١) أميرا، ومن العشرات عشرين (٢)، ومن مقدّمي الحلقة أربعين (٣). وحملت إليهم النفقات، وساروا وهم في الحقيقة مع نائب الشام.

وقبض نائب الشام على منجك وسجنه بدمشق، وجرت أمور مطوّلة.

وبعث السلطان أخويه حسين وأمير حاج فتمنّعا (٤). وبلغ العلائي والحجازي ما أوجب تنكّرهما على السلطان، وكذا المماليك. وفسد حال السلطنة. واتفق الجيش بأجمعهم مع نائب الشام، وكاتبه غالبهم.

ثم ألحّ السلطان في إحضار إخوته حسين وحاجّي إليه، فأحضرا، ووكّل بهما، وقام العزاء بدورهما، وهمّ الجند بالركوب للحرب، وكثرت الإشاعات والأراجيف (٥).


(١) الطواب: «أربعون».
(٢) الصواب: «عشرون».
(٣) الصواب: «أربعون».
(٤) في الأصل: «فمنعانه».
(٥) ذيل العبر ٢٥٤، ٢٥٥، البداية والنهاية ١٤/ ٢١٩، الجوهر الثمين ٢/ ١٨٦، وتاريخ الدولة التركية، ورقة ٣٨ أ، ب، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٣٤٣، ٣٤٤، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٦٨٢، بدائع الزهور ج ١ ق ١/ ٥٠٨، السلوك ج ٢ ق ٣ / ج ٢ ق ٣/ ٧٠٨ - ٧١١، ووجيز الكلام ١/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>