للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق الجنازة تأدّبوا مع الله، ونحو ذلك من كلمات كما هي عادة المدراء، فحنق منه واستلّ دبّوسه لضرب المدير، ففرّ هاربا فجاء إلى النعش وضرب الميت على رأسه، ولعلّ ذلك شيء (١) لم يقع قطّ. نعوذ بالله من قساوة القلب إلى هذه المرتبة مع وجود ما يوجب اليقظة والاعتبار فإنه من أعظم المصائب الكبار (٢).

[حضور إفرنج من قبرس]

وفيه قدم تغري بردي الطيّاري من قبرس، وحضر معه جماعة من الفرنج من أمراء قبرس وأعيانها. وقبل اجتماعهم بالسلطان اجتمع به تغري بردي المذكور، وعرّفه أنّ أهل قبرس مفترقين في أمر الملك على فرقتين / ١٣٠ ب / إحداهما يريدون الأنثى ابنة الميت لكونها أحقّ بالملك منه لأمر أوجب ذلك في ملّتهم على زعمهم، وهو أنها ابنة زوجة الملك بعقده عليها، وجاكم ابن ابنة سريّته. وزعموا أنّ لا ميراث لابن الأمة مع ابن (٣) الحرّة فلا ملك له شرعا على ما زعموه أنه شرعتهم.

وفرقة يريدون الذكر لأغراض لهم.

فمال السلطان إلى الأولى لكون الأنثى (قد) (٤) تمكّنت من الملك، ولكونه دينا لهم، وفي ولاية الذكر قلقلة. ولم يمل للثانية لكون ذلك ملخّص الغرض على زعمهم.

ثم عملت الخدمة بالقصر بعد أيام لصعود من حضر من قبرس، فصعدوا في مشهد حافل، ثم نزلوا على غير طائل (٥).

[تعطّل أحوال الناس بكثرة الموتى]

وفيه تعطّلت أحوال الناس بسبب كثرة الأموات حتى صارت الجنائز تمرّ في الشوارع والطرقات كالقطارات وتصفّ في المصلّيات، وربّما جعلت على بعضها البعض في صلاة واحدة.

هذا، والظلمة والجلبان على ما هم عليه. وعدّ من غرائب هذا الطاعون أنه قلّ من طعن فيه ويسلم، حتى قيل إنه لم يسلم في الألف واحد.

وبلغ عدد الموتى في المصلّيات في هذه الأيام من هذا الشهر إلى نحو الخمسة آلاف. هذا بالقاهرة فقط، ما عدا القرافتين ومصر وبولاق وعدّة أماكن (٦).


(١) الصواب: «شيئا».
(٢) خبر الغلاء لم يرد في المصادر.
(٣) في الأصل: «بن».
(٤) كتبت فوق السطر.
(٥) خبر حضور الفرنج في: النجوم الزاهرة ١٦/ ١٤٣، وبدائع الزهور ٢/ ٣٥٩ باختصار.
(٦) خبر التعطل في: النجوم الزاهرة ١٦/ ١٤٤، وبدائع الزهور ٢/ ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>