للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ما يقوم به رجال التمدّن فيعده مجدِّدونا تقدماً ومدنيّة، وندعوهم إلى ما جاء به الدين فيعدّونه رجعية وجموداً، ويقولون بعد هذا إنهم عقلاء؟

* * *


= إنشاء محاكم خاصة بالبربر تعتمد في أحكامها على أعرافهم المحلية بدلاً من الشريعة الإسلامية (على اعتبار أن عادات البربر وأعرافهم كانت سابقة على الإسلام)! وبهذا المرسوم فَقَدَ السلطانُ المغربي حقَّ الإشراف الرسمي على البربر، وفقد البربرُ الغطاءَ الإسلامي العربي الذي كانوا يعيشون في ظله طوال القرون السابقة.
لقد أرادت فرنسا بإصدار هذا القانون «فَرْنَسَة» وتنصير البربر والتفريق بينهم وبين العرب وعزلهم عن العربية وعن الإسلام، وسرعان ما مُنعت اللغة العربية في تلك المناطق وفُتحت مدارس أمازيغية دُرِّس فيها التاريخ واصفاً العرب الفاتحين بالغُزاة ومؤكداً على الهوية البربرية لأصحاب البلاد الأصليين! واعتبر الفرنسيون أن تنصير البربر هدف غير قابل للتراجع، حتى لقد قال واحد من قادتهم في كتاب أصدره سنة ١٩٢٣: "يجب محو إسلام البربر وفَرْنَستهم". لكن الذي حصل غير ما كان يرجوه الفرنسيون، فقد أجَّجَ صدورُ «الظهير البربري» الروحَ الإسلامية والوطنية وأشعل في طول البلاد وعرضها ثورةَ غضبٍ عارمة، فانطلقت المظاهرات في أكثر المدن الكبرى -مثل فاس وسلا وطنجة وتطوان- وشاركت طبقاتُ الأمة كلها في النضال بلجوئها إلى مقاطعة البضائع الفرنسية مقاطعة صارمة. وامتدّت هذه الروح إلى أنحاء العالم الإسلامي كافة، فكانت حملة مدوّية قادها محب الدين الخطيب والأمير شكيب أرسلان في مجلة «الفتح» ومحمد رشيد رضا في «المنار»، وشارك فيها «الأزهر» والجمعيات الكبرى كجمعية «الشبان المسلمين» وجمعية «الهداية =

<<  <   >  >>