للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبلاء (١)، ويلمس وجهي نسيم الليل العليل، فأنشَقُه (٢) وأبالغ في نشقه.

لعلك تعجب يا صديقي من هذا الاندفاع وتظنني أمزح -لما تعلمه فيّ من الكلام والجدل، وما تعرفه من الصراحة (بل الوقاحة أحياناً) - ويعجب رفاقي الذين يقرؤون هذه الرسالة منشورة في «ألف باء». ولست أدري لماذا أنشرها على الناس، ولكنني أدري أنني أريح نفسي بنشرها وألقي عن عاتقي عبئاً يثقله! نعم، قد تعجبون، ولكن لا عجب، فأنا أندفع في الكلام والمزاح أحياناً لأدفع عن نفسي هذه العقيدة وأريها أني لست جافياً أبداً، ولكن لا أخلو إلى نفسي مرة عقب هذا الاندفاع إلا كان بيننا حساب طويل أخرج منه كسيراً محطماً!

وإني لأغبط هؤلاء الأشخاص المرحين الذين لا يعرفون الألم إلا بأفواههم (كشاعرنا أنور العطار)، أغبطهم طويلاً وأتمنى أن لو كنت مثلهم. وليس مردّ هذا الجفاء إلى نفسي دائماً، بل إن هنالك من يَضطرني إليه، كبعض إخواننا أعضاء الهيئة الإدارية في «المجمع الأدبي»، فقد انتُخبت معهم فيمن انتُخب،


(١) يبدو أنه كان "شارع العشاق" في تلك الأيام! وقد مرّ في مقالة «احتجاجاتنا كطبولنا» في هذا الكتاب قوله: "لبثت ساعة في شرفتي أطلّ على هذه الخمائل فترجع بي إلى الماضي، وأرى صورَه تَتَابَعُ أمام عيني فتلهيني عن الشارع الفيّاض بالآنسات والآنسين المتكشّفات والمتكشّفين ... " (مجاهد).
(٢) نَشِقَ (كفرح): أي استنشق الهواء.

<<  <   >  >>