للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المترادفة في التعبير عن المعنى الواحد، فالشاعر والمصوِّر (١) إذا أبصرا غروب الشمس في البحر أثار في نفسَيهما كليهما شعوراً واحداً، ولكن هذا يعبّر عنه بالألفاظ والأوزان، وذاك يعبّر عنه بالخطوط والألوان. فالصورة البارعة قصيدة من الشعر، والقصيدة العبقرية صورة من الصور. والتصوير أخو الموسيقى، وكلها مظاهر متعددة للجوهر الواحد.

وليس يضر الصورة أن لا يكون للشجرة المصوَّرة فيها -مثلاً- وجود حقيقي، ولا الجملة الأدبية أن لا تكون حقيقية بجملتها وتفصيلها. ولو غربلت الأدب بغِربال الحقيقة المجرَّدة لأسقطت أغلى جواهره، من مثل قوله تعالى {واسْأَلِ القَرْيَة} وقوله {واخْفِضْ لَهُما جَنَاحَ الذُّل}، لأن القرية لا تُسأل ولا تجيب والذل ليس له جناح (٢)، ولأضعت ثلاثة الأرباع من أدب كل أمة في الدنيا.

الأدب والنقد وتاريخ الأدب

هذا هو الأدب بمعناه العام، أما الأدب على وجه التحديد والتعريف فهو «مجموع ما في لسان من الألسنة من كلام جميل» من شعر أو نثر، ومن مذكرات أو رسائل، أو عرض (ريبورتاج) أو مقالات أو قصة أو رواية.

فالأدب إنشاء وإبداع، أما النقد فهو وزن وتقويم: يشعر


(١) المقصود هو «الرسّام» وليس الذي يلتقط الصور بآلة التصوير (مجاهد).
(٢) من أجود ما قرأت في مجازات القرآن كتاب «الإشارة» للعز بن عبد السلام، وقد طُبع في إسطنبول سنة ١٣١٣هـ.

<<  <   >  >>