للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسائل ابن عابدين

«الحاشية» هي عمدة المُفتين في المذهب الحنفي من أكثر من مئة سنة، لا يضارعها في تحقيق مسائلها وفي إقبال الناس عليها كتابٌ من كتب الفقهاء المتأخرين في المذهب، لكنها - على جلالة قدرها- تعليقات تقيَّدَ فيها واضعُها بالنص الذي


= فأمّا تمام ترجمة ابن عابدين -بإيجاز- فهي أنه قد لزم شيخَه العقاد حتى وفاته سنة ١٢٢٢هـ، ثم قرأ على الشيخ سعيد الحلبي علاّمة عصره، وكذلك قرأ على طائفة من كبار علماء زمانه كالشيخ محمد الكزبري والشيخ أحمد العطّار والشيخ صالح الزجّاج، وكثيرين غيرهم. وكان حسن السريرة دائم البِشْر والابتسام كثير التواضع، يُمضي أكثر ليله في التأليف ولا ينام إلا قليلاً. وكان كسبه من تجارة له مع شريك يقوم بالعمل من غير أن يزاول هو التجارة بنفسه. وأُغرم بالكتب حتى جمع منها مكتبة عظيمة، وكتب بخطه الكثير، وكان أبوه يشتري له من الكتب ما شاء ويقول: "اشترِ وعليّ الثمن، فإنك أحيَيتَ ما أمتُّ من سيرة سَلَفي". ووهبه مكتبة كبيرة ورثها عن آبائه.
وترجم له الشيخ محمد جميل الشطي في «أعيان دمشق في القرن الثالث عشر» فقال: "كان رحمه الله مُهاباً مُطاعاً لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد بلغ من الشهرة ما لا مزيد عليه، وكان مع ذلك حسن الصحبة حريصاً على إفادة الناس. وكان شغله من الدنيا التعلّم والتعليم والتفهّم والتفهيم، مقسِّماً وقتَه على أنواع الخير، من طاعة وعبادة وتدريس وتأليف وإفتاء. وكانت تَرِدُ إليه الأسئلة من غالب البلاد فيجيب عنها، ولم يزل كذلك حتى توفي -رحمه الله- في الحادي والعشرين من ربيع الثاني سنة ١٢٥٢، وسنّه يومئذ أربع وخمسون سنة، ودُفن في مقبرة الباب الصغير" (مجاهد).

<<  <   >  >>