للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتحقيق الاستقلال. وأستطيع أن أمثّل عليهم وعلى موقفهم من الإسلام باثنين: الأستاذ الكبير ساطع الحصري، شيخ المربّين من العرب، الذي حارب الدعوة الإسلامية عمرَه كله بقلمه ولسانه وسلطان وظيفته (كلما ولي وظيفة) حرباً علمية منظَّمة، وكان أسلوبه في محاربتها هو العمل على إحلال «العربية» محل «الإسلامية»، وهي بذاتها دعوة الجاهلية التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وبيّن أن صاحبها ليس منا، وإقامة برامج المدارس على هذا الأساس الواهي.

والثاني هو الوطني المعروف فخري البارودي. وهو زعيم شعبي محبوب كان له في كل حركة وطنية عمل، ولكنه -مع الأسف- حرب على الدعوة الإسلامية، وأسلوبه فيها أسلوب المستهزئين من كفار قريش، وهو سَوْق النكات العامية والسخرية بالمشايخ وتركيب النوادر عليهم، على نحو ما يركّبها بعض الملحدين من النصارى على قسوسهم ورهبانهم.

وهنالك أسلوب ثالث، هو نفث هذا الحقد الدفين على المشايخ (الذين يمثلون الفكرة الإسلامية) بضربهم بسيف الحكومة، وقد طُبِّق هذا الأسلوب على أفظع شكل حينما ولي الحكم في الشام سعد الله الجابري الحلبي (وهو أيضاً من رجال الرعيل الأول)، وبطش بالمشايخ، وأودع كثيراً منهم السجون وهاج بهم الجرائد، لسبب تافه ليس هذا موضع بيانه (١).


(١) قال في «الذكريات»: "ثم عمدوا إلى فئة من خطباء المساجد حامَوا عن الفضيلة فساقوهم إلى المحاكم سَوق المجرمين، وأدخلوهم=

<<  <   >  >>