للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما خشوع النفاق؟ قال: أن يُرى الجسد خاشعًا، والقلبُ ليس بخاشع. [(رواه الإمام أحمد). صفة الصفوة ١/ ٣٠٢].

• وعن أبي حازم ﵀ قال: إن العبد ليعمل الحسنةَ تسرُّه حين يعملها، وما خلق الله من سيئة هي عليه أضرُّ منها، وإن العبد ليعمل السيئة تسوءه حين يعملها، وما خلق الله ﷿ من حسنة أنفع له منها، وذلك أن العبد حين يعمل الحسنة يتجبّر فيها، ويرى أن له فضلاً على غيره، ولعل الله ﷿ يُحبطها ويحبط معها عملاً كثيرًا، وإن العبد ليعمل السيئة تسوءه، ولعل الله ﷿ يُحدث له فيها وجَلاً، فيلقى الله وإن خوفَها لفي جوفه … باقٍ. (١) [صفة الصفوة ٢/ ٤٩٣].

• وقال عبد الحميد بن بيان: سمعت أبي يقول: خرج سيار ﵀ إلى البصرة، فقام يصلي إلى سارية في المسجد الجامع، وكان حسنَ الصلاة، عليه ثياب جياد، فرآه مالك بن دينار، فجلس إليه، فسلّم سيار، فقال له مالك: هذه الصلاة وهذه الثياب؟ (٢) فقال له سيار: هذه ترفعني عندك أو تضعني؟


(١) قال ابن القيم ﵀: وحجابهم - أي حجاب أهل الكبائر الظاهرة - أرقُّ من حجاب إخوانهم من أهل الكبائر الباطنة، مع كثرة عباداتهم وزهاداتهم واجتهاداتهم. فكبائر هؤلاء أقرب إلى التوبة من كبائر أولئك، فإنها قد صارت مقامات لهم لا يتحاشون من إظهارها وإخراجها في قَوالب عبادةٍ ومعرفةٍ، فأهل الكبائر الظاهرة أدنى إلى السلامة منهم، وقلوبهم خير من قلوبهم.
فترى أحدَهم أزهد ما يكون، وأعبد ما يكون، وأشده اجتهادا، وهو أبعد ما يكون عن الله. وأصحاب الكبائر أقرب قلوبًا إلى الله منه، وأدنى منه إلى الإخلاص والخَلاص.
فانظر إلى السَّجاد العبَّاد الزاهد، الذي بين عينيه أثر السجود، كيف أورثه طُغيان عملِه أن أنكر على النبي ﷺ، وأورث أصحابَه احتقار المسلمين، حتى سَلُّوا عليهم سيوفهم، واستباحوا دماءهم.
وانظر إلى الشِّريب السِّكير، الذي كان كثيرًا ما يُؤتى به إلى النبي ﷺ فيَحُدُّه على الشراب، كيف قامت به قوة إيمانه، ويقينه، ومحبته لله ورسوله، وتواضعه، وانكساره لله، حتى نهى رسول الله ﷺ عن لعنه.
فظهر بهذا أن طُغيان المعاصي أسلم عاقِبةً من طُغيان الطاعات. ا. هـ بتصرف. مدارج السالكين ٤/ ٦٩ - ٧٢
(٢) في الحلية: إني لأرغب بك عن هذا اللباس.

<<  <   >  >>