للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن جريج ﵏: لم طلبتم العلم؟ كلهم يقول: نفسي، غير أن ابن جريج فإنه قال: طلبتُه للناس.

قال الذهبي ﵀: ما أحسنَ الصدق! واليوم تسأل الفقيه الغبي: لم طلبت العلم؟ فيبادر ويقول: طلبته لله، ويكذب إنما طلبه للدنيا، ويا قِلَّةَ ما عرف منه. [السير (تهذيبه)]

• وقال معمر ﵀: لقد طلبنا هذا الشأن وما لنا فيه نيَّة ثم رَزَقنَا الله النيَّة من بعدُ.

وقال مَعْمَرُ ﵀: كان يُقال: إن الرَّجل يطلبُ العلمَ لغير الله فيأبي عليه العِلمُ حتى يكون لله.

قال الذهبي ﵀: نعم يطلبه أولاً والحاملُ له حبُّ العلم، وحبُّ إزالة الجهل عنه، وحب الوظائف، ونحوُ ذلك. ولم يكن عَلِمَ وجوب الإخلاص فيه ولا صِدْقَ النية فإذا عَلِمَ حاسبَ نفسَه وخاف من وَبَالِ قصدِه فتجيئُه النِّية الصَّالحة كلُّها أو بعضها وقد يتوبُ من نيته الفاسدة ويندمُ. وعلامة ذلك أنه يُقْصِر من الدعاوى وحبِّ المناظرة ومِن قصد التَّكثُّر بعلمه ويُزري على نفسه فإن تكثَّر بعلمه أو قال: أنا أعلمُ مِن فلان فبعدًا له. [السير (تهذيبه) ٢/ ٦٧٢].

• وقال هشام الدَّستُوائي ﵀: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبتُ يومًا قطُّ أطلبُ الحديث أُريدُ به وجهَ الله ﷿.

قال الذهبي ﵀: واللهِ ولا أنا. فقد كان السَّلَفُ يطلبون العلم لله فَنَبلوا، وصاروا أئمةً يُقتدى بهم، وطلبه قومٌ منهم أولاً لا لله، وحصَّلوه، ثم استفاقوا، وحاسبوا أنفسهم، فجرَّهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطَّريق، كما قال مُجاهد وغيره: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبيرُ نِيَّة، ثم رزق الله النيةَ بعدُ، وبعضهم يقول: طلبنا هذا العلم لغير الله فأبى أن يكونَ إلا لله. فهذا أيضًا حسن. ثم نشروه بِنِيَّةٍ صالحة.

وقومٌ طلبوه بِنيَّة فاسدة لأجل الدُّنيا وليُثْنَى عليهم فلهم ما نووا، قال ﵇: " من غَزا ينوي عِقالاً فلهُ ما نَوَى". وترى هذا الضرب لم يستضيؤوا

<<  <   >  >>