للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صفحة على أقل تقدير (١)، هَبْ أن فيها كلاماً مرصوفاً لا معنى وراءه تجد أني حملت في كتابتها ورصفها عناء، فكيف وكلها ثمرة التأمل الطويل، ونتيجة كد الخاطر وعصر الدماغ، وما منها شيء سرقته من أديب من أدباء فرنسا ولا إنكلترا! عمي أولو الأمر عن هذا كله ولم يعدلوه بهذه الورقة السحرية التي جاء بها أولئك من ديار العجم يشهد لهم فيها مَن يسكن هناك بأنهم صاروا يفهمون العربية وغدوا أهلاً للتصدّر لتدريسها ... ولم يجدوني أهلاً لأكثر من «أستاذ معاون»!

أفيكون ظلماً مني وعدواناً إذا أعلنت ما أصابني وشكوته إلى القراء، وهم أصدقائي، لم يبقَ لي من صديق غيرهم؟ لم يبق لي صديق في هذه الحياة ... إنك لتعلم ذلك، ولكني لا أشكو!

إنهم يقولون إني عنيد، وإني مشاغب، وإني أثير المشاكل ... ولست أفهم لهذا كله إلا معنى واحداً، هو أني أؤثر الصدق وأعلنه ولا أفعل ولا أقول إلاّ ما أطمئنّ إلى أنه الحق.

وهل كان ذنباً أني حَمِيت للفضيلة تُمتهَن وللأخلاق تُهان، فناضلت عنها وقاتلت، وقلت لتلاميذي: ناضلوا عنها وقاتلوا؟ وهل كان ذنباً أني غضبت لمحمد أن ينكر نبوّتَه ويَجحدَ رسالتَه جاهلٌ غرير، في حفلة أقيمت لتكريم محمد وتمجيد ذكراه؟ (٢)


(١) وقد بلغ المطبوع مما كتبت إلى اليوم عشرة آلاف صفحة، ونسوا أن يذكروني في المجلس الأعلى للآداب وفي لجانه!
(٢) هذا «الجاهل الغرير» هو ميشيل عفلق، والقصة التي يشير إليها الشيخ هنا مفصَّلة في ذكرياته. قال: "وكنت يومئذ ألتهبُ حماسة، فما كان=

<<  <   >  >>