للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يبذل من دمه وأعصابه، وميت راحته واطمئنانه، ومن رغائبه ولذّاته، ثم يصبر على الأذى والحرمان، لا شك يشعر بقيمة الأمانة التي بذل فيها ما بذل، فلا يسلمها رخيصة بعد كل هذه التضحيات والآلام.

أمّا انتصار الإيمان والحق في النهاية فأمر تكفّل به وعد الله، وما يشك مؤمن في وعد الله، فإن أبطأ فلحكمة مقدّرة، فيها الخير للإيمان وأهله، وليس أحد بأغير على الحق وأهله من الله. . وحسب المؤمنين الذين تصيبهم الفتنة، ويقع عليهم البلاء، أن يكونوا هم المختارين من الله، ليكونوا أمناء على حق الله، وأن يشهد الله لهم بأن في دينهم صلابة فهو يختارهم للبلاء.

ويطالعنا ما رواه الترمذي وغيره عن مصعب بن سعد عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله! أيّ الناس أشد بلاءً؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإِن كان دينه صُلْباً اشتدَّ بلاؤه، وإِن كان في دينه رِقَّة ابتلي على حسب دينه، فما يبوح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة". (١)

وفي رواية عن أبي هريرة قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة". (٢)


(١) الترمذي (٢٣٩٨)، وقال هذا حديث حسن صحيح، وصحيح الترمذي (١٩٥٦)، والطيالسي (٢١٥)، وابن سعد: ٢: ٢٠٩، وابن أبي شيبة: ٣: ٢٣٣، وأحمد: ١: ١٧٢، ١٧٣، ١٨٥، وعبد بن حميد (١٤٦)، والدارمي (٢٧٨٦)، وابن ماجه (٤٠٢٣)، والبزار (١١٥٠، ١١٥٤، ١١٥٥)، وانظر: تاريخ واسط: ٢٥٣، وأبو يعلى (٨٣٠)، والشاشي (٦٩)، وابن حبان (٢٩٠، ٢٩٢١)، والحاكم: ١، ٤١، وأبو نعيم: الحلية: ١: ٣٦٨، والبيهقي: ٣: ٣٧٢، والشعبي (٩٧٧٥)، والبغوي (١٤٣٤).
(٢) الترمذي (٢٣٩٩) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن أبي شيبة: ٣: ٢٣١، وأحمد: =

<<  <  ج: ص:  >  >>