للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا الفئة القليلة الواثقة بلقاء الله، التي تستمدّ صبرها كله من اليقين بهذا اللقاء، وتستمدّ قوتها كلها من الله، وتستمدّ يقينها كله من الثقة في الله {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}!

إذا هذه الفئة القليلة الواثقة الصابرة، الثابتة التي لم تزلزلها كثرة العدوّ وقوّته، مع ضعفها وقلّتها .. هذه الفئة هي التي تقرّر مصير المعركة، بعد أن تجدّد عهدها مع الله، وتتّجه بقلوبها إليه، وتطلب النصر منه وحده وهي تواجه الهول الرهيب:

{وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٢٥٠)} (البقرة)!

هكذا .. {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} .. وهو تعبير يصوّر مشهد الصبر فيضاً من الله يفرغه عليهم فيغمرهم، وينسكب عليهم سكينة وطمأنينةً، واحتمالاً للهول والشقّة .. {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}! فهي في يده سبحانه يثبتها فلا تزحزح، ولا تتزلزل ولا تحيد .. {وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}! فقد وضح الموقف .. إيمان تجاه كفر، وحقّ إزاء باطل، ودعوة إلى الله لينصر أولياءه المؤمنين على أعدائه الكافرين، فلا تلجلج في الضمير، ولا غبش في التصوّر، ولا شكّ في سلامة القصد، ووضوح الطريق!

وكانت النتيجة التي ترقبوها واستيقنوها:

{فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٢٥١)} (البقرة)!

<<  <  ج: ص:  >  >>