للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان وجود هذه الطائفة في الصف المسلم ينشئ حالة من الخلخلة، وينشئ فيه حالة من عدم التناسق بين هذه الطائفة الجزوع الهلوع، وبين الرجال المؤمنين، ذوي القلوب الثابتة الطمئنة، المستقبلة لتكاليف الجهاد -على كل ما فيها من مشقّة- بالطمأنينة والثقة والحماسة أيضاً، ولكن في موضعها المناسب .. فالحماسة في تنفيذ الأمر حين يصدر هي الحماسة الحقيقيّة .. أمّا الحماسة قبل الأمر فقد تكون مجرّد اندفاع وتهوّر، يتبخّر عند مواجهة الخطر!

والقرآن يعالج هذه الحالة بمنهجه الربّاني: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧٧) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}!

إنهم يخشون الموت، ويريدون الحياة .. ويتمنّون في حسرة مسكينة لو أن الله قد أمهلهم بعض الوقت، ومدّ لهم شيئاً من المتاع بالحياة!

والقرآن يعالج هذه المشاعر في منابتها، ويجلو غبش التصوّر لحقيقة الموت والأجل: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ}!

متاع الدنيا كله، والدنيا كلها، فما بال أيّام، أو أسابيع، أو شهور، أو سنين؟!

ما قيمة هذا الإمهال لأجل قصير، إذا كان متاع الحياة الدنيا بطولها في جملته قليلاً؟!

ما الذي يملكون تحقيقه من المتاع في أيّام، أو أسابيع، أو شهور، أو سنين، ومتاع الدنيا كله والدنيا بطولها قليل؟! {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى}!

فالدنيا أوّلاً ليست نهاية المطاف ولا نهاية الرحلة .. إنها مرحلة .. ووراءها

<<  <  ج: ص:  >  >>