للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح، والله أعلم!

وللقاضي عياض (١) عدّة مآخذ، وفي ذلك يقول:

أما المأخذ الأول أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل، مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، واختلاف كلماته، وإنما أولع به وبمثله المفسّرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقّفون من الصحف كل صحيح وسقيم!

وصدق القاضي بكر بن العلاء المالكي، حيث قال:

لقد بُلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير، وتعلّق بذلك الملحدون، مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، واختلاف كلماته، فقائل يقول: إنه في الصلاة، وآخر يقول: قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة!

وآخر يقول: قالها وقد أصابته سنَةٌ!

وآخر يقول: بل حدّث نفسه فسها!

وآخر يقول: إن الشيطان قالها على لسانه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: والله! ما هكذا نزلت، إلى غير ذلك من اختلاف في الرواة!

ومَن حُكيَتْ هذه الحكاية عنه من المفسّرين والتابعين، لم يسندها أحد منهم، ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية، والمرفوع فيه حديث شعبة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن


(١) الشفا: ٢: ١٣٢ وما بعدها، دار الأرقم.

<<  <  ج: ص:  >  >>