للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رغم ما في القول المزحلق من الشيطان على لسان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من مراغمة ومناقضة لحقائق القرآن وهدايته!

لكن المفسّرين والثقاة من أئمة اللغة يأبون تخريج الغرنوقيّين للفظ التقوّل في القرآن ويقولون: التقوّل هو الافتراء على الله، وتقويله ما لم يقل، قال أبو حيان في (البحر) -وهو من أساطين العربيّة وأئمّة اللغة- والتقوّل: أن يقول الإنسان عن آخر إنه قال شيئاً لم يقله، فمن اتّبع ما ألقى إليه ملبّساً عليه على أنه من عند الله، وليس هو من الله، مفتر على الله، متقوّل عليه؛ لأنه قوّله ما لم يقل!

وقال ابن منظور في (لسان العرب): وأقوله ما لم يقل، وقوّله ما لم يقل كلاهما ادّعى عليه .. وتقوّل فلان عليّ باطلاً: أي قال عليّ ما لم أكن قلت، وكذبَ عليّ، ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤)} (الحاقة)!

فزعم الشيخ الكوراني أنه لا تقوّل أصلاً فيما ألقاه الشيطان من خبيث الكلم، وقبله النبي - صلى الله عليه وسلم - في زعمه- وبلّغه إلى الأمّة على أنه موحى إليه مراغمة لأهل اللغة، ومجازفة في قضايا العلم، بل هو تقوّل مفضيّ قطعاً وقوعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنص الآية!

ومما يضحك الثكالى قياس الشيخ إبراهيم الكوراني قصّة الغرانيق، وما وقع فيها من أكاذيب ومفاسد خطيرة على قصّة السهو في الصلاة، ثم ختم هذه الأضحوكة فقال: فكما أن السهو للتشريع غير قادح في منصب النبوّة كذلك الاشتباه في الإلقاء لـ (التأديب) غير قادح! (١)

أليس كذلك يقول (أرسطو شيخ الفلسفة الكورانيّة والمنطق الهلاهيلي)،


(١) انظر: السابق: ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>