للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (الأنعام: ٥٢)!

وهكذا ردّ الله للدّعوة قيمها المجرّدة، وموازينها الدقيقة، وردّ كيد الشيطان فيما أراد أن يدخل من تلك الثغرة، ثغرة الرغبة البشرية في استمالة كبراء قريش بإجابة رغبتهم في أن لا يحضر هؤلاء الفقراء مجلسهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. وقيم الدعوة أهمّ من أولئك الكبراء، وما يتبع إسلامهم من إسلام الألوف معهم، وتقوية الدعوة في نشأتها بهم -كما كان يتمنّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم بمصدر القوّة الحقيقيّة، الكامنة في الاستقامة التي لا ترعى هوى شخصيًّا ولا عُرفاً جارياً!

ولعله مما يلحق بالمثلين المتقدمّين ما حدث في أمر زينب بنت جحش ابنة عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه:

أن هذه الآية: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} (الأحزاب: ٣٧)! نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة! (١)

وفي رواية عنه رضي الله عنه قال: (جاء زيد بن حارثة) يشكو، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اتق الله وأمسك عليك زوجك".

قال أنس: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كاتماً شيئاً لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: زوّجكنّ أهاليكن، وزوّجني الله من فوق سبع سموات! (٢)


(١) البخاري: ٦٥ - التفسير (٤٧٨٧).
(٢) البخاري: ٩٧ - التوحيد (٧٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>