للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر (١): أخرج ابن أبي حاتم هذه القصة من طريق السّدّي، فساقها سياقاً واضحاً حسناً، ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمّها أميمة بنت عبد المطلب عمّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يزوّجها زيد بن حارثة مولاه، فكرهت ذلك، ثم إِنها رضيت بما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فزوّجها إِيّاه، ثم أعلم الله عزّ وجلّ نبيّه - صلى الله عليه وسلم - بعد أنها من أزواجه، فكان يستحي أن يأمر بطلاقها. وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمسك عليه زوجه، وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه، ويقولوا: تزوّج امرأة ابنه، وكان قد تبنّى زيداً).

ثم قال ابن حجر: ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم، والطبري، ونقلها كثير من المفسرين، لا ينبغي التشاغل بها، والذي أوردته منها هو المعتمد!

والحاصل أن الذي كان يخفيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هو إخبار الله إيّاه أنها ستصير زوجته، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس: تزوّج امرأة ابنه، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهليّة عليه من أحكام التبنّي بأمر لا أبلغ في الإبطال منه، وهو تزوّج امرأة الذي يُدعى ابناً، قال: ووقوع ذلك من إمام المسلمين، ليكون أدعى لقبولهم، قال: وإنما وقع الخبط في تأويل متعلّق الخشية، والله أعلم! (٢)

وهكذا أنفذ الله شريعته وأحكمها، وكشف ما خالج خاطر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) انظر: الفتح: ٨: ٥٢٣ - ٥٢٤.
(٢) وانظر: أحمد: ٦: ٢٤١، ٢٦٦، والطبري: التفسير: ٢٢: ١٣ عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>