للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية موسى بن عقبة، (١) أن سفهاء الطائف قعدوا للرسول - صلى الله عليه وسلم - صفّين على طريقه فلمّا مرّ بين صفيهم جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة، وكانوا أعدوها، حتى أدموا رجليه، وكان ذلك من أشدّ ما لقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جهاده!

وسبق أن ذكرنا ما رواه الشيخان وغيرهما أن عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل أتى عليك يوم كان أشدّ من يوم أحد؟ قال: "لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إِذ عرفت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إِلى ما أردت، فانطلقت -وأنا مهموم- على وجهي، فلم أستفق إِلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإِذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإِذا جبريل، فناداني، فقال: إِن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد بعث الله إِليهم ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلّم عليّ، ثم قال: يا محمَّد، إِن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً"!

وهنا نبصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في اختياره الثلاثة الذين كانوا سادة ثقيف يومذاك يعطينا الدليل على أهمية دعوة الزعماء الذين ينساق الناس وراءهم .. وبعد أن رفضوا قبول دعوته تبيّن أن غيرهم في الغالب سيرفضها، ومن ثم لم يستغرق مقامه في الطائف وقتاً طويلاً!


(١) انظر: البيهقي: الدلائل: ٢: ٤١٤ وفيه محمَّد بن فليح، صدوق يهم، انظر: التقريب: ٥٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>