للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثَ، فبثَّ جنوده، فإذا هم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي بين جَبَلَيْ نَخْلَة، فأتَوهُ فأخبروه، فقال: هذا الحدثُ الذي حدثَ في الأرض! (١)

ويطالعنا قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٢)} (الأحقاف)!

ومقالة النفر من الجنّ (٢) - مع خشوعهم عند سماع القرآن- تتضمن أسس الاعتقاد الكامل: تصديق الوحي، ووحدة العقيدة بين التوراة والقرآن، والاعتراف بالحق الذي يهدي إليه، والإيمان بالآخرة وما ينتهي إلى المغفرة وما ينتهي إلى العذاب من الأعمال، والإقرار بقوّة الله وقدرته على الخلق، وولايته وَحْده للعبادة والربط بين خلق الكون وإحياء الموتى!

وذكر القرآن لحادث صرف نفر من الجنّ ليستمعوا القرآن من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحكاية ما قالوا وما فعلوا .. هذا وحده كاف بذاته لتقرير وجود الجنّ، ولتقرير وقوع الحادث، ولتقرير أن الجنّ هؤلاء يستطيعون أن يستمعوا للقرآن بلفظه


(١) أحمد: ١: ٢٧٤، ٣٢٣، والترمذي (٣٣٢٤)، والنسائي: الكبرى (١١٦٢٦)، والتفسير (٦٤٦)، وأبو يعلى (٢٥٠٢)، والطحاوي: شرح المشكل (٢٣٣١)، والطبراني: الكبير (١٢٤٣١)، والبيهقي: الدلائل: ٢: ٢٣٩.
(٢) في ظلال القرآن: ٦: ٣٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>