للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذن ففيم كان الإنكار والتكذيب والاستسخار؟! وهم يعلمون أن الأرواح لا ينكر عليها قطع المسافات البعيدة جدًا في زمن يسير، وقد قالوا في إنكارهم:

إننا نضرب لها أكباد الإبل شهراً مصعدةً وشهراً آيبةً، وأنت تقول: إنك ذهبت إليها في لحظة من ليل، ثم عدت إلينا تحدّثنا؟

وهل لهذا الطراز من التخيّلات سند من أمثاله وشواهده في آثار الأنبياء ومعجزاتهم مثل ما وجد من الشواهد لنقل جسم عظيم من مكان قصيّ البعد في لحظة من ارتداد طرف العين، كنقل عرش ملكة سبأ، وهو ثابت بنصّ القرآن الكريم؟

وانسلاخ الروح عن الجسم وبقاؤه حيًّا ينتظرها هوس إشراقي متفلسف، انتقل إلى بعض الفارغين من أدعياء التصوّف الإشراقي الفلسفي، وقد جاء في بعض شروح عينيّة ابن سينا أن بعض متقدّمي متفلسفة الإشراق الوثنييّن قال: انسلخت عن بدني فعرفت من أنا، فهل هذا الهوس المأفون يتفق في شيء مع منهج الإِسلام وشريعته؟!

ومن العجيب أن الإِمام ابن القيّم افتتح حديثه عن الإسراء -كما أسلفنا- بقوله: ثم أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكباً على البراق، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام!

ففي قوله على الصحيح دليل على أن مقابله ليس صحيحاً، وإذا كان ذلك كذلك ففي أيّ شيء كانت الحماسة لتشييد قول غير صحيح، وإهمال القول الصحيح لمجرد السرد، وقصص الروايات؟

<<  <  ج: ص:  >  >>