للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطائفتين قاتل حلفاء الخزرج من اليهود إخوانهم المنضميّن إلى الأوس، وقاتل حلفاء الأوس من اليهود إخوانهم أبناء عمومتهم حلفاء الخزرج، وقد بيّن القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى:

{ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} (البقرة)!

وإذن فقوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا}! عقب قوله تعالى: {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤)}! ينطق على أدوار الفساد الكبيرة التي قاموا بها قبل الإِسلام أيّام أن طغوا وبغوا وعلوا علوًّا كبيراً في الأرض!

٥ - ما أصابهم من عقوبات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي عهد أصحابه رضي الله عنهم، جزاء غدرهم شيء هيّن بالنسبة لما أصابهم من عقوبات قبل ذلك، على أيدي البابليّين والرومان وغيرهم؛ لأن ما أصابهم في العهد النبويّ كان عدلاً، وكان يختلف من موقف إلى آخر، وكان في الوقت ذاته ينطبق على الجزء الخاص الذي يستحق ذلك ممن يسكن الجزيرة من اليهود -كما سيأتي- بينما العقوبات التي نزلت بهم قبل ذلك، على أيدي البابليّن والرّومان -مثلاً- كانت لليهود الذين كانوا متجمّعين في منطقة واحدة، هي أرض الشام!

ثم إن العقوبات التي أنزلها المسلمون بهم في صدر الإِسلام، كانت في أوقات متفرّقة، وكانت على قدر إساءة المسيء منهم!

ومن هذا ترى أن ما قام به اليهود من إفساد وفي المرّة الأولى ينطبق على الدور الذي قاموا به قبل الإِسلام، وأن العباد الذين سلّطهم الله عليهم لإذلالهم بسبب فسادهم وإفسادهم كانوا أيضاً قبل الإِسلام!

<<  <  ج: ص:  >  >>