للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتعليم الثالوث أساساً تخيلياً، وقد اقتدى بهما اللاهوتيون الجرمانيون المتأخرون، وحاولوا المحاماة عن تعليم الثالوث بطرق مبنية على أسس تخيلية ولاهوتية، وبعض اللاهوتيين الذين يعتمدون على الوحي لا يتمسكون بتعليم استقامة الرأي الكنائسية بالتدقيق، كما هي مقررة في مجمعي نيقية والقسطنطينية المسكونيين، وقد قام محامون كثيرون في الأيام المتأخرة لعضد أراء السابيليين على الخصوص. اهـ!

من هذا العرض المجمل المفيد، نرى أن هؤلاء لا يدينون دين الحق!

ونرى التعقيب القرآني، الذي بدأنا به حديثنا على قول {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} وقول النصارى {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} يثبت أنهم في هذا يماثلون قول الذين كفروا من قبلي ومعتقداتهم وتصوراتهم:

{ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ}!

فهو أولا يثبت (١) أن هذا القول صادر منهم، وليس مقولاً عنهم، ومن ثم يذكر (أفواههم) لاستحضار الصورة الحسيّة الواقعيّة -على طريقة القرآن في التصوير- إذ إنه مفهوم أن قولهم يكون بأفواههم، فهذه الزيادة ليست لغواً -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- وليست إطناباً زائداً، إنما هي طريقة التعبير القرآنية التصويرية، فهي التي تستحضر صورة القول، وتحيلها واقعية، وكأنها مسموعة مرئية!

وذلك فضلاً على ما تؤديه من معنى بياني آخر -إلى جانب إحياء الصورة وإثباتها-، وهو أن القول لا حقيقة له في عالم الواقع، إنما هو مجرد قول بالأفواه ليس وراءه موضوع ولا حقيقة!


(١) في ظلال القرآن: ٣: ١٦٤٠ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>