للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد سما على العبقريّة والبطولة، ونبصر فضله على إخوانه الأنبياء والمرسلين بما منحه الله تعالى من فضل في شريعته التي ختم الله الشرائع بها، وجعلها جامعة لجميع ما جاءت به الشرائع المتقدمة، من خير وإصلاح وتهذيب مع زيادة ما يقتضيه تقدم الإنسانيّة في تفكيرها وعقلها وروحها وضميرها!

ولعل هذا هو ما أشار إليه القرآن الكريم بعد أن ذكر أولي العزم من الرسل في آية: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} (الأنعام: ٨٣)!

فقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام: ٩٠)!

فهُدى الجميع هُدى للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهو الجامع لما تفرّق في جميع الأنبياء والمرسلين من الفضائل، والمحامد، وإليه ينتهي خيرهم، وفي شريعته تنطوي شرائعهم، فهي خاتمة الشرائع، وهو خاتم النبيّين وإمام المرسلين!

ولعل التصور المقارب للواقع التاريخي (١)، يستطيع أن يسعف العقل ليرسم صورة موجزة مقاربة لمطلع حياة طفوليّة نهدت في لفائف اليتم، لأكرم من ضمه مهد في حياة البشريّة، حتى يستشف البحث من وراء ذلك حقائق الوجود الواقعي في مشهد الحياة لهذه الشخصيّة الكريمة، التي غيّرت معالم الحياة في تاريخ البشريّة!

تولى الله أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منذ أول لحظة حظي فيها الوجود بإشراق طلعته، فنشّأه تنشئة جمع له فيها خصائص الفطرة الإنسانيّة في أعلى مراتبها وأرفع درجاتها، فلم يكله إلى أب يكفله ويربّيه، وللأبوّة أثرها على الطفولة وتوجيهها في الحياة!


(١) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ١: ١٥٢ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>