للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأقربون والأبعدون، ما الأرض والسماء إلا وسائل مسخّرة لإتمام قدر الله، وإبلاغ نعمة الله من اصطنعه الله!

[كفالة عبد المطلب]

وعاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة، ومعه حاضنته وأمّه بعد أمّه السيدة البرّة أم أيمن (١)، وقلبه ينفطر أسى وحزناً لفقد أمّه التي كان يجد في أحضانها وأحاديثها ومناغاتها غذاء لطفولته، ونشوةً لشبابه، وتلقّاه جده عبد المطلب، فقرأ على صفحات وجهه أبلغ الحزن، وأمْضَى الأسى، فكان يحرص على رعايته حرصاً شديداً، ويتلطف معه ويدنيه منه، والتقت فيه محبتان (٢):

الأولى: محبة أبيه الذي اهتصره الموت، وعوده أخضر!

والثانية: محبة الغلام الطاهر في ذاته، المحبوب لذاته!

وإذا كان اليتم بطبيعتة يوجد انفراداً نفسيًّا واعتزالاً، فإن الجدّ خشي أن يكون لذلك أثره في قلب هذا الغلام المحبوب، فكان يبالغ في تقريبه، حتى يأنس به دائماً .. وكان ينسبه مباشرة؛ ليستأنس به ويؤنسه، ويمنع عنه الإحساس بغربته بين أولاده!

وإن أخشى ما يخشاه القوّامون على اليتامى أن يشعروا بانفراد، فلا يألفوا الناس، ومن ثم كان عبد المطلب يوليه عناية خاصة!

وبقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كفالة جده عبد المطلب، يرعاه الله برعايته، ويكلؤه بكلاءته، ويحفظه بعنايته، ما يقارب سنتين؛ لأن وفاة أمه كانت


(١) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ١: ١٦ أو ما بعدها بتصرف.
(٢) خاتم النبيين: ١: ١٦٣ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>