للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - المسؤوليّة والإيجابيّة:

وثالث ما يطالعنا: المسؤوليّة والإيجابيّة، فيما يلي:

[الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرعى الغنم]

اتجه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى رعي الغنم، وهو عمل يستدعي رفقاً منه ورعاية، وفيه ثلاث مزايا (١):

الأولى: أن فيه سياسة لحيوان ضعيف، يقتضي عطفاً ورفقاً في سياسته!

الثانية: أنه يعاشر فيه الضعفاء من الغلمان الذين ليس فيهم استعلاء أهل الجاهليّة الأولى، الذين كانوا يستعلون عن مزاولة مثل هذا العمل!

الثالثة: أن فيه كسباً ماديًّا من عمل اليد، وأفضل الكسب ما كان من عمل اليد!

يروي البخاري وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بعث الله نبيًّا إِلا رعى الغنم" فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: "نعم. كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة" (٢)!

قال العلماء (٣): الحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرّن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم؛ ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة؛ لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى، ونقلها من مسرح إلى مسرح، ودفع عدوها من سبع


(١) خاتم النبيين: ١: ١٦٨ بتصرف.
(٢) البخاري: ٣٧ - الإجارة (٢٢٦٢)، وابن ماجه (٢١٤٩)، والموطأ بلاغاً: ٢: ٩٧١.
(٣) فتح الباري: ٤: ٥١٦ دار الريان، ط. ثانية ١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>