للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضوع، أسماه (مؤلف القرآن)!، حاول أن يثبت أن بحيرى قد لقّن الرسول القرآن كله في هذا الوقت القصير! وفاته أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن قد بعث!

وهذا لا يقوله عاقل رزق من سلامة العقل والإنصاف ذرة، فكيف يُعقل أن غلاماً لم يُبعث بعد، قد تلقى وهو في هذه السن من شيخ لا يعرف لغته، ولم يجلس إليه إلا ما يستغرقه وقت الجلوس العابر، المسائل الدقيقة، والتفاصيل العميقة، في نقد عقيدة الشرك، والمسيحيّة الممسوخة في هذا القرن السادس المسيحي، التي لم يهتد إليها كبار النقاد في المذهب البروتستانتي، وكبار المصلحين في العالم المسيحي، والتمييز الدقيق بين عقائد الفرق المسيحيّة وأقوالها، وقد تعرض القرآن الكريم لحوادث لم تحدث إلا بعد ثلاثين أو أربعين سنة، حيث أصبحت عظام بحيرى نخرة .. كاندحار الروم أمام الفرس في الأعوام الأولى من القرن السابع المسيحي (٦٠٢ - ٦١٦) إلى آخر نقطة من تراجع الجيوش، وتقلّص الحكومات، حتى كادت الإمبراطوريّة البيزنطيّة تلفظ نفسها الأخير، وتصبح مستعمرة ساسانيّة حقيرة، وانقطع كل أمل في نهوض الدولة البيزنطية وعودتها إلى أوجها الأول، ثم انتصار الروم البيزنطيّين الرائع، النافي لكل تقدير وتخمين، على الفرس الظافرين المنتصرين، حتى أوغلت الجيوش الروميّة في إيران، وغرزت أعلام الفتح في قلب البلاد، وأثخنت الشعب الإيراني قتلاً وجرحاً، وأهانت المعابد والمقدسات الدينية، وعادت من أسوار العاصمة ظافرة مرفوعة الرأس، وذلك كله في ظرف تسع سنين (١)، وهذا ما أعلنه القرآن بقوله:


(١) انظر: نبوة تتحدى ومعجزة تتحقق: للندوي: مجلة البعث الإِسلامي: عدد ٤ جزء ١٥ رمضان ١٣٩٠ هـ نوفمبر ١٩٧٠ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>