للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الشيخ أبو زهرة: وإن هذا يدل على أنه عليه السلام كان يعلم كل لهجات العرب، وقد أتاه ذلك من إقامته بمكة التي كان يلتقي فيها بقبائل العرب، في موسم الحج، مع حرص على تعرفها، وذكاء مدرك لها، وتحصيل واعٍ لكل ما يسمع، وحفظ لكل ما يجري حوله!

وإن تعلمه لهجات العرب، وفوارق لغاتهم، يدل على أن الله تعالى كان يعده لهذه الرسالة الإلهية العامة!

وساق القاضي عياض شواهد من كتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - .. ثم قال:

وأما كلامه المعتاد، وفصاحته المعلومة، وحكمه المأثورة، فقد ألّفت فيها الكتاب، ومنها ما لا يُوازى فصاحة، ولا يبارى بلاغة .. وذكر بعض الأحاديث .. وبعض العبارات التي لم يسبق بها (١)!

وإننا إن تركنا أقوال الذين شاهدوا وعاينوا من صحابته، والذين رأوا المنقول في سيرته، وعمدنا إلى الأحاديث المدونة الصادقة النسبة، والتي رواها العدول طبقة بعد طبقة، وأردنا أن نتعرف نسق بيانها عن عباراتها، ومحكم معانيها من ألفاظها!

فإننا نجد أن اللفظ يجيء سهلاً، وفيه الجمال الطبيعي، والألفاظ المتناسقة، مع الإيجاز، وإحكام المعاني، والاتجاه إلى مقصد القول وتصوره أحياناً، بالحقيقة وبكون لها جمال كجمال الطبيعة!

ونجد من خصائص البلاغة النبويّة أنها لا تعلو على العقول الفطريّة، فهي تدركها في أيسر كلفة، مع جلال المعنى وعمقه وقوة نفوذه في النفوس، والخاصة يجدون فيه علم ما لم يعلموا!


(١) انظر: الشفاء: ١: ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>