للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقدير المذكور، وقال بعضهم: يصح أن تكون جملة الاستفهام معطوفة على جملة التمني في قوله: (ليتني أكون حياً إِذ يخرجك قومك) بل هذا هو الظاهر، فيكون المعطوف عليه أول الجملة لا آخرها الذي هو ظرف متعلق بها، والتمنيّ إنشاء، فهو من عطف الإنشاء على الإنشاء، وأما العطف على جملة في كلام الغير فسائغ معروف في القرآن العظيم، والكلام الفضيح، قال تعالى:

{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} (البقرة: ١٢٤)!

٣٠ - نعم لم يأت رجل قطّ بمثل مما جئت به إلا عودي:

قال العراقي: قول ورقة: (نعم) يحتمل أن يكون علمه من كتب أهل الكتاب وعلمائهم فقاله بنقل، ويحتمل أن يكون قاله باستقراء وتجربة!

فعلى الأول قوله: (لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إِلا عودي) خرج مخرج التسلية له، وأن هذا شأن الأنبياء قبلك، أذى قومهم لهم، وصبرهم على ذلك!

وعلى الثاني يكون هذا الكلام خرج مخرج الدليل والاستشهاد بصحة ما قاله (١)!

و (قط) -بفتح القاف وشد الطاء مضمومة- في أفصح اللغات ظرف لاستغراق الماضي فتختص بالنفي بما، وفي رواية للبخاري (إِلا أوذي) (٢)، فذكر ورقة أن علة ذلك مجيئه لهم بالانتقال عن مألوفهم؛ ولأنه علم من الكتب


(١) طرح التثريب: ٤: ١٩٦.
(٢) البخاري: ٦٥ - التفسير (٤٩٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>