للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث بدء الوحي -كما عرفنا- بدأ في جوّ المفاجأة بلا مهل، فطلب الملك من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ، دون أن يذكر له مقروءًا يقرؤه؛ لأنه لم يزد على قوله: {اقْرَأْ}!

هكذا أمر من فعل القراءة، مطلق عن التقيّد بمقروء، أيّ مقروء، فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم-كما تقضي به البداهة في جوّ المفاجأة التي لم يسبقها في هذا اللقاء تمهيد مؤنس- ينفي معرفته للقراءة؛ لأنه أميّ لا يقرأ، فضمّه الملك إليه ضمّةً شديدة، بالغة الشدّة، عصره بها عصرًا بلغ منه منتهى جهده، وطاقة احتماله البشري .. ثم أرسله الملك، وقال له مرّة ثانية: {اقْرَأْ}!

هكذا فعل أمر من القراءة، مطلق عن التقيّد بمقروء -أيّ مقروء- فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المرّة مستفهمًا .. وبعد ذلك -أيضًا- فكان استفهامًا عن الحالة التي يصير بها قارئًا، وهو الأمي الذي لم يعرف القراءة قط، فأخذه الملك وضمّه إليه ضمّةً بالغة الشدّة، استفرغت منه جهده وطاقته، ثم أرسله وقال له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)}!

و (ما) في قوله - صلى الله عليه وسلم - في المرّة الأولى: "ما أنا بقارئ"! نافية

ومعنى الجواب حينئذ الإخبار بعدم معرفته القراءة، بيانًا لطبيعة أميّته التي وُلد بها، ونشأ عليها، أي ما أنا بعارف للقراءة ولا باشرتها قط؛ لأني أميّ، لم أكن قارئًا قط، ولا تعلّمت قراءة حرف قط، كما جاء صريحًا في بعض الروايات!

و (ما) في المرة الثانية: "ما أنا بقارئ"! استفهامة

<<  <  ج: ص:  >  >>