للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد جعلت الآية الكريمة المودّة في القربى وصلة الرحم أقصى ما يطلبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجرًا ومكافأة من قومه على ما جاءهم به من هُدى وخير، فهو لا يسألهم مالًا يرزؤهم به، ولكنه يطلب إليهم أن يوادّوه ويصلوا رحمه بأرحامهم!

والمعنى كما قال ابن كثير: قل يا محمَّد لهؤلاء المشركين من كفار قريش: لا أسألكم على هذا البلاغ، والنصح لكم مالًا تعطونيه، وإنما أطلب منكم أن تكفوا شرّكم عنّي، وتذروني أبلغ رسالات ربّي، إن لم تنصروني فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة (١)!

وروى البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سئل عن قوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}! فقال سعيد بن جُبير: قُربى آل محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فقال ابن عباس: عجلتَ، إِن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن بطنٌ من قريش إِلا كان له فيهم قرابة، فقال: "إِلا أن تصِلُوا ما بيني وبينكم من القرابة" (٢)!

وفي رواية للحاكم عن الشعبي قال: "أكثر الناس علينا في هذه الآية: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}!

فكتبنا إِلى ابن عباس نسأله عن ذلك، فكتب ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أوسط بيت في قريش، ليس بطنٌ من بطونهم إِلا قد ولده، فقال الله -عزّ وجل: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}!


(١) تفسير ابن كثير: ٤: ١١١ - ١١٢.
(٢) البخاري: ٦٥ - التفسير (٤٨١٨)، وأحمد: ١: ٢٢٩، ٢٨٦، والترمذي (٣٢٥١)، والنسائيّ: التفسير (٤٩٤)، والبغويُّ: معالم التنزيل: ٤: ١٢٤، وابن جرير: ٢٥: ١٥، وابن حبّان (٦٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>