للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كان أهل الكتاب (١) يستكثرون أن يدعوهم إلى (الدّين القيّم) نبيّ ليس منهم .. نبيّ من الأميّين الذين كانوا يتعالون عليهم من قبل ويتعالمون؛ لأنهم هم أهل الكتاب وهؤلاء أميّون!

فلما أراد الله الكرامة لهؤلاء الأميّين بعث منهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيّين، وجعل فيهم الرسالة الأخيرة، الشاملة للبشر أجمعين!

وإذا هؤلاء أعلم أهل الأرض، وأرقاهم تصوّرًا واعتقاداً، وأقومهم منهجًا وطريقًا، وأفضلهم شريعةّ ونظاماً، وأصلحهم مجتمعاً وأخلاقاً!

وهذا كله من فضل الله تعالى عليهم، ومن إنعامه بهذا الدّين وارتضائه لهم!

وما كان للأميّين أن يكونوا أوصياء على هذه البشريّة لولا هذه النعمة، وما كان لهم -وليس لهم بعد- من زاد يقدّمونه للبشريّة إلا ما يزوّدهم به هذا (الدّين القيّم)!

وفي هذا النداء الإلهي {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}! يسجل عليهم أنهم مدعوّون إلى الإِسلام .. مدعوّون للإيمان بهذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونصره وتأييده، وقد أخذ ميثاقه، وسجل شهادته بأن هذا النبي الأميّ هو رسوله إليهم، وإلي الناس كافة -كما أسلفنا- فلا مجال لإنكار رسالته من عند الله .. ولا مجال للادعاء بأن رسالته مقتصرة على العرب، وليست موجهة إلى أهل الكتاب: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}!


(١) في ظلال القرآن: ٢: ٨٦١ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>