للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا أبطلت الخمر، وأبطل الربا، وأبطل الميسر، وأبطلت العادات الجاهليّة كلها .. أبطلت بآيات من القرآن، أو كلمات من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. بينما الحكومات الأرضية تجهد في شيء من هذا كله بقوانينها وتشريعاتها، ونظمها وأوضاعها، وجندها وسلطانها، ودعايتها وإعلامها .. فلا تبلغ إلا أن تضبط الظاهر من المخالفات .. بينما المجتمع يعج بالمنهيات والمنكرات!

وجانب آخر من حقيقة هذا (الدّين القيّم)، دين الأمّة الوسط الخيّرة، يتجلى في هذا المنهج القويم .. إنه منهج عملي واقعيّ حركيّ جاد .. منهج يحكم الحياة في واقعها .. منهج يواجه الواقع ليقضي فيه بأمره .. يقرّه أو يعدّله أو يغيّره من أساسه .. ومن ثمّ فهو لا يشرع إلا لحاجات واقعة فعلًا، في مجتمع يعترف ابتداء بحاكميّة الله -عَزَّ وَجَلَّ- وحده!

إنه ليس نظريّة تتعامل مع الفروض!

إنه منهج واقعيّ يتعامل مع الواقع!

ومن ثم لا بدّ أولًا أن يقوم المجتمع المسلم الذي يقرّ عقيدة: (لا إله إلا الله)!، وأن الحاكمية لله!

وحين يقوم هذا المجتمع فعلًا، تكون له حياة واقعيّة، تحتاج إلى تنظيم وتشريع .. وعندئذ فقط يبدأ هذا (الدّين القيّم) في تقرير النظم .. لقوم مستسلمين أصلًا لقواعد هذا (الدّين القيّم)، دين الأمّة الوسط الخيّرة!

ومن ثم نبصر المسلمين في مكّة لم يكن لهم سلطان على أنفسهم ولا على مجتمعهم، وما كانت لهم حياة واقعيّة مستقلّة هم الذين ينظمونها بشريعة الله .. ولم يكن لهم إلا هذه العقيدة، وهذا الخُلق المنبثق من تلك العقيدة بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>