للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنهم منذ الآن مأزورون غير مأجورين!

إن عليهم مثل أوزار المسرفين العابثين!

ومن كان في شك من ذلك فليقرأ:

{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)} (القصص)!

فلم يهدّد العالين المسرفين وحدهم، ولكنه توعّد الذين يريدون العلوّ والفساد، فتلك هي النيّة المردية الموبقة، وصاحبها ظالم لنفسه!

أما النيّة المنجية المعتقة، فإنها على درجتين:

درجة مقتصدة، تدرأ عن صاحبها الذم واللوم؛ ولكنها لا تستوجب له مدحاً ولا ثواباً .. وحدّ هذه المرتبة أن يكون همّ العامل من كسب الحلال، هو أن ينفقه في الاستمتاع بالحلال، لا يفكّر فيما وراء ذلك!

ودرجة عالية رفيعة، تستوجب لصاحبها الثّناء، وتكفل له أحسن الجزاء، ذلك أن يكون حظّ نفسه تابعاً لحقّ الله عليه، وأن يكون حقّ نفسه مغموراً في حقوق غيره: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧)} (القصص)!

أولئك هم السابقون السابقون .. ترى الواحد منهم يجدّ ويسعى امتثالاً لأمر الله، وقياماً بالأعباء التي تفرضها عليه الحياة، ليعفّ نفسه وأهله -أول كل شيء- عن الحرام، وليغنيهم وإيّاه عن ذلّ السؤال .. ثم ليعود بفضله على

<<  <  ج: ص:  >  >>