للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشفاق، وقد يدفع إليهما الحرص على تنبيه المشاعر والإحساسات الوجدانيّة في مداخل النفس الإنسانيّة، لتوكيد أواصر القربى .. وقد يدفع إليهما تحريك الحميّة القوميّة، وروابط القربى العصبيّة، نفوراً من قبيل الضيم في الصبر على أذى القريب، ولا سيما في البيئات العربيّة التي تتعزّز بنصرة القربى!

وسبق أن ذكرنا قصة إسلام حمزة رضي الله عنه!

ومعلوم ما وقع في جميع مواقف أبي طالب، وحَدَ به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحمايته له، أن تمتدّ إليه يدٌ بأذى، وقد جعل نحوه دون نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فداءً لابن أخيه، بدائع العصبيّة القوميّة، والحميّة القبليّة .. وظل على ذلك إلى آخر لحظة من حياته، وهو على دين قومه، وكانت قريش كلها تهاب أبا طالب وتحترمه، وتحسب لوجوده إلى جانب ابن أخيه محمد - صلى الله عليه وسلم - حساباً منعها أن تقتحم حمايته ومنعته!

ومن أظهر شواهد ذلك موقف سائر المنافقين عامة وخاصة من بني هاشم والمطلّب إلا ما كان من أبي لهب وكان كثرتهم على جاهليّتهم في عقيدة الشرك والوثنيّة التي جاءت رسالة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - لهدمها وتقويض بنيانها!

ذلك الموقف الذي تجلّى في حادث الحصار والمقاطعة -كما سيأتي- ودخول الشعب، وكتابة صحيفة المقاطعة!

وهنا نبصر الردّ القاطع على من يحاولون تصوير هذا (الدّين القيّم) بأنه ثمرة من ثمار القوميّة العربيّة، ويدعون أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يمثل بدعوته التي دعا إليها آمال العرب ومطامحهم في ذلك الحين (١)!


(١) السيرة النبويّة في ضوء المصادر الأصلية: ١٦٤ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>