للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا رأى عمر ما بأخته من الدّم، نَدم على ما صنع، فارْعَوى (١)، وقال لأخته: أعطيني هذه الصحيفة التي سمعْتكم تقرؤون آنفاً، أنظر ما هذا الذي جاء به محمَّد، وكان عمر كاتباً، فلمّا قال ذلك، قالت له أخته: إنا نخشاك عليها، قال: لا تخافي، وحلف لها بآلهته ليَرُدَّنَّها إليها، فلمَّا قال ذلك طمعت في إسلامه، فقالت له:

يا أخي إنك نجسٌ، على شركك، وإنه لا يمسّها إلا الطاهر، فقام عمر فاغتسل، فأعطته الصحيفة، وفيها {طهَ} فقرأها، فلما قرأ منها صدراً قال:

ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!

فلمَّا سمع ذلك خبّاب خرج إليه، فقال له:

يا عُمر، والله! إني لأرجو أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيّه، فإني سمعته أمس، وهو يقول:

"اللهم! أيّد الإِسلام بأبي الحكَم بن هشام، أو بعمر بن الخطاب" (٢)!

فالله الله! يا عمر!

فقال له عند ذلك عمر: فدُلَّني يا خبّاب على محمَّد، حتى آتيه فأُسلم، فقال له خبّاب: هو في بيت عن الصّفا، معه فيه نفرٌ من أصحابه!


(١) أي رجع، يقال: ارعويت عن الشيء، إذا رجعتُ عنه وازدجرت.
(٢) الحديث رواه ابن إسحاق بلاغاً، والترمذي (٣٦٨١) عن نافع عن ابن عُمر، وزاد: وكان أحبّهما إليه عمر، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، من حديث ابن عمر، وابن سعد: ٣: ٢٦٧، وأحمد: ٢: ٩٥، وفضائل الصحابة (٣١٢)، وعبد بن حميد (٧٥٩)، والحاكم: ٣: ٨٣، والبيهقي: "الدلائل": ٢: ٢١٥٢١٦، وابن حبان (٦٨٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>