للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك" قال: فلقد رأيت رجلاً منهم أخَذَ بمجمع ردائه، قال: وقام أبو بكر الصدّيق - رضي الله عنه - دونه، يقول وهو يبكي: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}! ثم انصرفوا عنه، فإِن ذلك لأشدّ ما رأيت قريشاً بلغتْ منه قط!

وفي رواية قال: ما رأيت قريشاً أرادوا قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلا يوماً رأيتهم وهم جلوس في ظلّ الكعبة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي عند المقام، فقام إِليه عقبةُ بن أبي مُعَيْط، فجعل رداءه في عنقه، ثم جذبه، حتى وَجَب لرُكبَتيْه - صلى الله عليه وسلم -، وتصايَحَ الناس، فظنّوا أنه مقتول! قال: وأقبل أبو بكر - رضي الله عنه -، يشتدّ حتى أخذ بِضَبُعَي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ورائه، وهو يقول: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟! ثم انصرفوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا قضى صلاته، مَرّ بهم وهم جلوسٌ في ظلّ الكعبة، فقال: "يا معشر قريش، أما والذي نفسي بيده ما أُرسلتُ إِليكم إِلا بالذَّبْح" وأشار إِلى حلقه، فقال له أبو جهل: يا محمَّد، ما كنت جهولاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنْتَ منهم" (١)!

ويروي الشيخان وغيرهما عن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلّي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إِذ قال بعضهم لبعض: أيُّكم يجيء بِسَلَى جزور بني فلان، فيضعه على ظهر محمَّد إِذا سجد! فانبعث أشقى القوم فجاء به، فنظر حتى إذا سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وضعه على ظهره بين كتفيه،


(١) البخاري: ٦٢ فضائل الصحابة (٣٦٧٨)، وانظر (٣٨٥٦، ٤٨١٥)، وخلق أفعال العباد (٣٠٨)، وأحمد: ٢: ٢١٨ وسنده حسن، والبزار كما ذكر ابن حجر: الفتح: ٧: ١٦٨، والبيهقي: "الدلائل": ٢: ٢٧٥، وانظر: المجمع: ٦: ١٥١٦، وابن حبان (٦٥٩٩)، وأبو يعلى: ١: ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>