للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوعيد تخويفٌ وإنذارٌ لكل من يسلك مسلكهم، ويمشي في طريق إلحادهم وكفرهم: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣)}!

في تفصيل مرعب مخيف لما حلّ بالمتمردين المعاندين من الأمم السابقة، والعرب كانوا أقوم الناس بفهم القرآن، وأعرفهم بحقائقه ومراميه، وزواجره ونواهيه؛ لأنه على سنة مخاطباتهم ومجاري أساليبهم نزل، وبلغتهم وطرائق صياغاتهم خاطبهم!

ونبصر وجهاً من وجوه اختيار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه السورة الكريمة لتكون جواباً على محاصرة عتبة له - صلى الله عليه وسلم - في سفارته إليه إجابة لاختيار قريش له، لعلمه بالسحر والكهانة والشعر، فكان لها أثرها العميق في نفس عتبة! وسبق أن ذكرنا تعدّد الروايات في ذلك!

وبعد أن انتهت الجولة على مصارع عاد وثمود، والإنذار بهذا المصرع المخيف المرهوب، وتكشّف لهم سلطان الله الذي لا تردّه قوّة (١)، ولا يعصم منه حصنٌ، ولا يبقي على مستكبر مريد .. يطلعهم على سلطان الله في ذوات أنفسهم، التي لا يملكون منها شيئاً، ولا يعصمون منها شيئاً من سلطان الله، حتى السمع والأبصار والجلود تطيع الله وتعصيهم في الموقف المشهود، وتكون عليهم بعض الشهود!

إنها المفاجأة الهائلة في الموقف العصيب، وسلطان الله الذي تطيعه جوارحهم وتستجيب، وهم يوصمون بأنهم أعداء الله، فما مصير أعداء الله؟ إنهم يحشرون ويجمع أوّلهم على آخرهم، وآخرهم على أوّلهم كالقطيع! إلى أين؟ إلى النار! حتى إذا كانوا حيالها وقام الحساب، إذا شهود عليهم لم يكونوا


(١) انظر: في ظلال القرآن: ٥: ٣١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>