للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي -ضمنًا- بنتائجه، ومنها: أن هذا العقد لا يحلُّ عروتَهُ إلا القاضي، وهو ما يمكن اعتباره تفويضًا من الزوج جائزًا له شرعًا عند الجمهور، ولو لم يصرح بذلك؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، وتنفيذ أحكام القضاء -ولو كان غير إسلامي- جائز من باب جلب المصالح ودفع المفاسد، وحسمًا للفوضى، كما أفاده كلام غير واحد من حُذَّاقِ العلماء؛ كالعز ابن عبد السلام، وابن تيمية، والشاطبي" (١).

وقد استند هذا القرار إلى أن الزوج بعقده للنكاح في ظل قوانين هذا البلد التي تسمح للقاضي غير المسلم بإيقاع الطلاق كأنه وَكَّلَ القاضي غيرَ المسلم بحلِّ العصمة بدلًا منه، وهي وكالة ممتدة طيلةَ بقاءِ النكاحِ بين الزوجين.

وفي هذا التخريج مِنَ البُعْدِ ما لا يخفى؛ فالأعمُّ -كما يقول العلماء- لا إشعارَ له بأخص معيَّنٍ، فعقدُ النكاح في تلك البلاد قد يكون صاحبه ذاهلًا وغافلًا عن مسألة الطلاق، فضلًا عن أن يكون عاقدًا توكيلًا، فكلُّ ما احتاج إلى إذن فإنه يحتاج إلى تصريح، كما تقول القاعدة؛ أخذًا من الحديث: "الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها" (٢) (٣).

كما أن هذا القرار يرى أن ثبوتَ النكاح إنما تم من جهة القضاء، فكذا التفريق، والحق أن النكاح المدني لا يعتدُّ به حتى يستكمل أركان العقد الشرعي وشروطه، فإذا انعقد العقد شرعًا، فلا مانع من توثيق العقد الشرعي توثيقًا مدنيًّا؛ وذلك لضمان


(١) القرار، (٣/ ٥) بالدورة الخامسة، ١٤٢١ هـ، مايو ٢٠٠٠ م.
(٢) أخرجه ابن ماجة، كتاب النكاح، باب: استئمار البكر والثيب، (١٨٧٢)، والإمام أحمد في "مسنده"، (٤/ ١٩٢)، وغيرهما، من حديث عدي الكندي -رضي الله عنه-. وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع"، (٣٠٨٤).
(٣) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، لابن بيه، (ص ٢٧٦ - ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>