للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وأما من لا ولي لها فإن كان في القرية أو الحلة نائب حاكم زوَّجَهَا هو وأمير الأعراب ورئيس القرية، وإذا كان فيهم إمام مطاع زوَّجَهَا -أيضًا- بإذنها" (١).

وأما المذهب الحنفي فمعلوم أنه لا يشترط الولي في الراجح المفتى به عندهم (٢).

إلا أن المشكلة لديهم في أمر الطلاق، أو الفسخ، وليس في المذهب الحنفي تأصيل لهذه النازلة.

ولا شك أن ما أصَّله المالكية يفتح بابًا للسعة، وإعماله ليس بجديد على الأمة، فقد مَسَّتِ الحاجة بذلك في الديار الهندية في زمن الاستعمار البريطاني؛ حيث إن الاستعمار كان قد قضى على المحاكم الشرعية بتاتًا، ونصب قضاة من غير المسلمين لفصل قضايا المسلمين، حتّى في أحوالهم الشخصية، وكانت أغلبية سكان الهند من المسلمين على مذهب الحنفية، وبالرغم من ذلك فإن فقهاء الحنفية أفتوا في هذا الباب بمذهب المالكية.

وقد ألف الشيخ أشرف التهانوي (٣) كتابًا اسمه: الحيلة الناجزة للحليلة العاجزة، وفيه جرى على مذهب المالكية، ووافقه عليه جميع علماء الهند، وموافقتهم مثبتة في ذلك الكتاب (٤).

وبمثل ما عمل مشايخ الهند أفتى فضيلة شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق -رحمه الله-وهو حنفي المذهب- في معرض جوابه على سؤال وجهه إليه مدير معهد علوم الشريعة الإسلامية بجنوب أفريقيا حول مدى شرعية أن يتولى قاضٍ غيرُ مسلمٍ


(١) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٣٢/ ٣٥ - ٣٤ - ٣٥).
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني، (٢/ ٢٤٧)، البحر الرائق، لابن نجيم، (٣/ ١١٧).
(٣) أشرف علي بن عبد الحق الحنفي التهانوي، عالم فقيه واعظ معروف بالفضل والأثر، كان مرجعًا في التربية والإرشاد، من مؤلفاته: بيان القرآن، وتحذير الإخوان من تزوير الشيطان، ولد سنة ١٢٨٠ هـ وتوفي سنة ١٣٦٢ هـ. نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر، لعبد الحي ابن فخر الدين الحسيني، دار ابن حزم، بيروت، ط ١، ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م، (٨/ ١١٨٧).
(٤) فسخ نكاح المسلمات من قبل المراكز الإسلامية في البلاد غير الإسلامية، لأحمد تقي العثماني، (ص ٣٩٤ - ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>