للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: ١٤٤].

وجه الدلالة:

قال القرطبي: "ومن يتولهم منكم، أي: يعضدهم على المسلمين، فإنه منهم، بين الله تعالى أن حكمه كحكمهم؛ لأنه قد خالف الله ورسوله، كما خالفوا، ووجبت معاداته، كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار، كما وجبت لهم، فصار منهم، أي: من أصحابهم" (١).

وكما هو معروف أن الذي تجنس بجنسية الدولة غير الإسلامية يجب عليه أن يغير تبعية الدولة الإسلامية إلى دولة غير إسلامية، وهي من أهم صفات الولاء، وولاء الكفار كفر في الإسلام إذا كان رضاء بهم؛ ولذلك استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن التجنس بلا ضرورة، قصدًا لتفضيل تلك الجنسية على الجنسية الإسلامية كفر وردة (٢).

٥ - قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

قال الشوكاني -رحمه الله-: "وفي هذا الوعيد الشديد ما تقشعر منه الجلود، وترجف له الأفئدة، فإنه سبحانه أقسم أولًا بنفسه مؤكدًا لهذا القسم بحرف النفي بأنهم لا يؤمنون، فنفى عنهم الإيمان الذي هو رأس مال صالحي عباد الله، حتى تحصل لهم غاية، هي تحكيم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم لم يكتف سبحانه بذلك حتى قال: {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]، فضم إلى التحكيم أمرًا آخر هو عدم وجود حرج، أي حرج في صدورهم" (٣).


(١) تفسير القرطبي، (٦/ ٢١٧) بتصرف واختصار.
(٢) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الاستفسارات المقدمة من المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الدورة الثالثة، ١٩٨٧ م، (٢/ ١١٥٢)، فتاوي الشيخ رشيد رضا، (٥/ ١٧٥٩).
(٣) فتح القدير، للشوكاني، (١/ ٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>