للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الحقيقة القرآنية أكدتها السنة النبوية، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأحلت لي الغنائم ولم تحلَّ لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة" (١).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا دخل النار" (٢).

والمراد بالأمة في هذا الحديث عموم الخلق سواء من دخل فيهم في أمة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بالمعنى الخاص فصار مسلمًا، أو من بقي منهم على كفره فكان من أمته بالمعنى العام، أي: من عموم من بعث إليهم وأمر بدعوتهم، وهم الناس جميعًا بعد بعثته - صلى الله عليه وسلم -، وذلك بدليل ذكره لليهود والنصارى.

وإلى جانب هذه الحقيقة الراسخة عقيدة أخرى لا تقل عنها رسوخًا، وهي أن رسول الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم النبيين والمرسلين، فلا نبي بعده ولا رسول، فرسالته الخاتمة هي الخالدة الباقية إلى يوم الدين، فلا نسخ لها ولا زوال.

فهذه عقيدة معلومة من دين الله بالضرورة، لا ينكرها إلا من كفر بالرحمن وكُتب عليه الخذلان، قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠]، "وخاتم النبيين الذي: ختم النبوة فطبع عليها، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة" (٣)، فهذه الآية الكريمة "نص في أنه لا نبي بعده، وإذا


(١) أخرجه: البخاري، كتاب التيمم، (٣٣٥)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، (٥٢١).
(٢) أخرجه: مسلم، كتاب الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته، (١٥٣).
(٣) تفسير الطبري، (١٩/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>