للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرع الرابع: العلوم والتقنية المعاصرة]

لا شك أن ثمة ارتباطًا وثيقًا بين الظروف الاجتماعية والثقافية والعادات والعلوم والمعارف التقنية من جهة، وبين ما يقبل التغير من الأحكام الفقهية الاجتهادية، والفتيا في النوازل من جهة أخرى.

ولا يخفى أن أحكامًا اجتهادية متعددة قد بُنيت على معارف العصور المتقدمة، وهي قابلة للتغير بناء على تغير تلك المعارف وتطور تلك العلوم، وكما أن هذه المعارف قد تُغير بعض الأحكام التي بنيت عليها؛ فإنها قد تضيِّق هُوَّة الخلاف الفقهي الذي نشأ عند الأقدمين، ومن أمثلة ذلك: المدة القصوى للحمل، وقد اختلف فيها الفقهاء إلى خمسة أقوال (١).

وقد أمكن اليوم تصوير الجنين في الأرحام، وتسجيل لحظاته، ومعرفة تطوراته، وقياس ما يتعلق بحياته.

ومن ذلك أيضًا: ما جرى عليه عمل الفقهاء من الاحتياط لميراث الحمل في ستة تقديرات معروفة ومحتملة للحمل (٢) وأما اليوم ومع وجود الأشعة التليفزيونية وتصوير الأجنة بشكل دقيق، فإنه بالإمكان تحديد عدد الأجنة ومعرفة جنسها بحيث تتقلص تلك الاحتمالات المفروضة، في تقدير ميراث الحمل.

ومن ذلك أيضًا: ما يتعلق بميراث الخنثى المشكل؛ حيث إن الفقهاء -رحمهم الله- قديمًا كانوا يقسمون التركة على تقدير بين تقدير الذكورة، وتقدير الأنوثة، ثم يُعطى الخنثى جزءًا من


(١) بدائع الصنائع، للكاساني، (٣/ ٢١١). المبسوط، للسرخسي، (٦/ ٤٤)، حاشية الدسوقي، (٢/ ٤٦٠)، الكافي في فقه أهل الدينة، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، تحقيق: محمد بن محمد أحيد ولد ماديك، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ط ٢، ١٤٠٠ هـ - ١٩٨٠ م، (٢/ ٦٢٠)، مغني المحتاج، للشربيني، (٣/ ٣٩٠)، المغني، لابن قدامة، (١١/ ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٢) المبسوط، للسرخسي، (٣٠/ ٥٢ - ٥٤)، المغني، لابن قدامة، (٩/ ١٧٧ - ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>