للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق خالص لله تعالى، "فالحاكم هو من صدر عنه الخطاب، وهو الله تعالى، فهو الذي يشرع الحكم وينشئه، وعمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو تبليغ هذا الحكم إلى الناس، وعمل المجتهدين من بعده هو اقتباس هذا الحكم من الأدلة التي نصبها الشارع لمعرفته" (١).

[الفرع الثالث: حكم الاجتهاد في نوازل الأقليات]

الأصل أنه لا تخلو نازلة عن حكم شرعي لله تعالى بالكلية على ما هو مذهب جمهور الأصوليين (٢).

فإن قيل: إن النصوص الشرعية متناهية محصورة، والوقائع والنوازل ليست كذلك؛ فالجواب: أن النصوص تشتمل على أحكام الوقائع والنوازل إمَّا نصًّا أو استنباطًا، ثم إن الأحكام الشرعية تتردد بين طرفين: أحدهما: محصور، والآخر: غير محصور، فإذا كانت المسألة واقعة في القسم المنحصر فبها ونعمت، وإلا رُدَّتْ إلى ما لا ينحصر.

ومن أمثلة ذلك: أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما ورد بتحريمه دليل، كما أن الأصل في الأشياء الطهارة إلا ما ورد بنجاسته دليل، فإذا وجدت عين لم يَرِدْ ما يدل على حرمة الانتفاع بها (وهي أشياء محصورة) فالأصل أنها مباحة، فإن وجد دليل يدل على نجاستها (وهي أعيان محصورة) وإلا فهي طاهرة.

كما أن النوازل والمستجدات لم تزل منذ عهد الصحابة -رضي الله عنهم- إلى يوم الناس هذا، ودأبُ أهل العلم فيها: بيانُ أحكامها الشرعية اجتهادًا واستنباطًا من النصوص الشرعية، وفي هذا البيان أعظم برهان على اكتمال الدين وصلاحية التشريع لكل زمان ومكان.


(١) أصول الفقه، د. حسين حامد حسان، (ص ١٣٤).
(٢) البرهان، للجويني، (٢/ ١٣٤٨ - ١٣٥٠)، الموافقات، للشاطبي (٤/ ١٥٥ - ١٥٦)، البحر المحيط، للزركشي، (١/ ١٦٤ - ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>