للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقدر ما أحدثوا من الفجور (١).

ثانيًا: التقدم العلمي والتقني:

لقد شهد هذا العصر الحديث الثورة الصناعية والتقنية والمعلوماتية الهائلة، والتي ترتب عليها من نوازل الفقه الشيء الكثير، بحيث استفاد الناس في حياتهم من هذه المعطيات فائدة ضخمة، وقد ترتب على ذلك بعض المفاسد والمخالفات، ووقعت مستجدات تنتظر مواكبة الفقه لها وملاحقته إياها بالأحكام الصحيحة والدقيقة، والباحث في المستجدات في العبادات والمعاملات والمسائل الطبية والأسرية والسياسية يجد هذه النوازل بالمئات، ولا شك أن حظ تلك البلاد المتقدمة صناعيًّا من تلك المسائل والنوازل أكبر من غيرها.

كما أن وطأة هذه المستجدات أشدُّ على الأقلية المسلمة التي تُشد إلى دينها برباط وثيق تنتظر أحكام الفقهاء في هذه المسائل لتعايش عصرها ولتتقي ربَّها.

ثالثًا: الحرب الفكرية والثقافية والعسكرية ضد الإسلام وأهله:

لا شك أن الخلفية الفكرية والثقافية لدى مجتمعات الأكثرية عن الإسلام وأهله قد ولَّدت حروبًا ضارية على المستويين الفكري والعسكري، وليس هذا في العصر الحديث فحسب، بل جذوره تمتد إلى الحروب الصليبية قبل نحو ألف عام، كما يقول الأب أربان الثاني مفجر الحروب الصليبية: "أيها الجنود المسيحيُّون. . . اذهبوا وخلِّصوا البلاد المقدسة، من أيدي الأشرار، واذهبوا واغسلوا أيديكم بدماء أولئك المسلمين الكفار" (٢).

ومع أن البون الزمني شاسع بين أربان الثاني، وبنديكت السادس عشر إلا أن المنطق واحد يكاد يتطابق، قال تعالى: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}


(١) المنتقى شرح الموطأ، للباجي، (٨/ ٦٤).
(٢) الحروب الصليبية، د. سعيد عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية، (ص ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>