للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيما يلي بيان لأهم المقاصد التي يُبنَى عليها فقه النوازل للأقليات المسلمة:

أولًا: إقامة الدين بين الأقليات المسلمة:

وهذا هو المقصد الأعظم لهذا الفقه، ألا وهو المحافظة على الحياة الدينية للأقليات المسلمة على مستوى الفرد والجماعة (١).

قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} [الروم: ٤٣]، وقال تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣].

فلا بد من إقامة الدين، وترك التفرُّق فيه، وإقامة الدين تتضمَّن إقامةَ الضرورات والحاجات ورعاية التحسينيات.

فلا مناص من تمكين هذه الأقليات من إقامة شعائر دينها والحفاظ على أصول عقيدتها، وجوهر شخصيتها المسلمة، سواء في ذلك الأفراد أو الجماعات، الرجال أو النساء، وسواء في ذلك الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ١٦٢].

والأمر بإقامة الدين كما هو للأقليات فهو للأكثريات، لكن ربما كانت مقتضيات الإقامة والحفظ غير المقتضيات، وهو ما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار في هذا الأصل الموجه لمقاصد فقه الأقليات (٢).

ولا شك أن منهج إقامة الدين في حياة الأقليات يجب أن يخضع لعلم واسع بالشرعيات وفقه مدقق في حال وواقع الأقليات، حتى تمارس الأقليات حقوقها الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية دون ضغط أو تنازلات.


(١) صناعة الفتوى وفقه الأقليات، د. عبد الله ابن الشيخ المحفوظ ابن بيَّه، دار المنهاج، جدة، ط ١، ١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م، (ص ١٦٨).
(٢) نحو منهج أصولي لفقه الأقليات، د. عبد المجيد النجار، (ص ٥١ - ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>