للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمة إشكال تأصيلي آخر يظهر في النموذج الأخير -وهو الدكتور جمال الدين عطية-، فبالإضافة إلى اعتماد أفكار المدرسة الإنسانية في النظرة إلى ما يسمى اليوم بـ "الآخَر" من "وحدة الأصل الإنساني" و"كرامة الإنسان، مطلق الإنسان" و"وحدة الدين"؛ أي: العقيدة، "وسنة التنوع"، ورفض الإسلام لكل أنواع التمييز حتى التمييز بسبب الدين! ومفاهيم المواطنة والولاء الاجتماعي. . . إلخ، ثم اعتماد أفكار نفس المدرسة في "العلاقة مع الآخر" لا سيما المساواة والحريات، والموضوعية وعدم التحيز، إلا أننا لا نركز في مسألة التأصيل إلا على القضية الأخطر، وهي قضية المرجعية فإذا كان بحث الدكتور العلواني يخلي الطريق في التعامل مع النص من زخم القواعد اللغوية وقواعد علوم الدلالة وما إلى ذلك، ليحلِّيها بقواعد فكرية استنبطها فضيلته من قراءته الخاصة للدين ومصادره لا سيما القرآن الكريم؛ فإن الدكتور جمال الدين عطية بعد أن يستعرض تعريفًا وصورًا لواقع الأقليات، ينتقل مباشرة إلى ما سماه المرجعية الدولية التي يجعلها مع المرجعية الشرعية في حزمة المرجعية المطلقة! ورغم أنها أعراف ومنتجات بشرية إلا أنه يجعلها في نفس رتبة الكتابات الفقهية الشرعية، فيقول: "وبالذات الكتابات الفقهية ما هي إلا اجتهادات بشرية ليس لها إلزام شرعي، فضلًا عن أن هذه الاجتهادات كانت استجابة لظروف زمانية ومكانية مختلفة عن ظروفنا الحالية، وإننا بحاجة إلى اجتهادات جديدة تراعي ظروفنا وتعالج مستجدات الأمور" (١).

واستدراك الدكتور جمال على ذلك، ورغم عرضه لما سماه "المرجعية الشرعية" بصورة اجتهاد منه في تأصيل النظرة، ثم العلاقة مع الآخر، إلا أنه يخلص في مبحثه الأخير (الثامن) إلى أنه قد اتضح من الدراسة الحالية أنه: لا تعارض بين الاتجاه الدولي


(١) نحو فقه جديد للأقليات، د. جمال الدين عطية، (ص ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>