للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقيد بشيء -كما أمرنا باتباع كتاب الله- ولم يقل: ما وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ" (١).

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: ". . . فلهذا كانت الحجة الواجبة الاتباع للكتاب والسنة والإجماع، فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الاتباع لا يجوز تركه بحال، عام الوجوب لا يجوز ترك شيء مما دلت عليه هذه الأصول، وليس لأحد الخروج عن شيء مما دلت عليه، وهي مبنية على أصلين: أحدهما: أن هذا جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والثاني: أن ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجب اتباعه، وهذه الثانية إيمانية، ضدها الكفر أو النفاق" (٢).

[٦ - النصوص واجبة التسليم]

قال تعالى: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦]، وفي الحديث: "إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضًا، بل يصدق بعضه بعضًا فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه" (٣).

وقد خصص الخطيب البغدادي في كتابه "الفقيه والمتفقه" بابًا عنون له بـ"تعظيم السنن


(١) جامع بيان العلم، لابن عبد البر، (٢/ ١١٩٠).
(٢) مجموع الفتاوي، لابن تيمية: (١٩/ ٥ - ٦).
(٣) أخرجه: ابن ماجه، المقدمة، باب: في القدر، (٨٥)، والإمام أحمد في "مسنده" (٢/ ١٨١) -واللفظ له-، وأبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني في "مصنفه"، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ٢، ١٤٠٣ هـ، (١١/ ٢١٦) -وعنه: الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٨٥) -، وغيرهم، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لقد جلست أنا وأخي مجلسًا ما أحب أن لي به حمر النعم، أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلوس عند باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم فجلسنا حجرة، إذ ذكروا آية من القرآن فتماروا فيها، حتى ارتفعت أصواتهم؛ فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا قد احمر وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: "مهلًا يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم؛ باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض! إن القرآن. . . " فذكره. وصحح إسنادَه الشيخ أحمد محمد شاكر في تحقيقه للمسند، دار المعارف، القاهرة، (١٠/ ١٧٤)، والشيخ الألباني في تخريج "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ١، ١٣٩٨ هـ، (ص ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>